تاريخ المغرب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
تاريخ المغرب

منتدى يحكي تاريخ المغلرب


    جامع الفناء

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 5
    تاريخ التسجيل : 06/02/2011
    العمر : 26

    جامع الفناء Empty جامع الفناء

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء فبراير 09, 2011 1:34 pm

    تُعرف ساحة جامع الفنا بأنها الساحة الوحيدة في المغرب، وربما في العالم، التي لا يؤثر في نشاطها لا برد الشتاء ولا حر الصيف، كما لا تتأثر لا بمباريات المونديال ولا بمنافسات الأولمبياد، لكن، وحده إفطار رمضان يستطيع أن يجعلها تتنازلُ فتسمحُ لحكواتييها، ومروضي الأفاعي فيها، ومغنيها وروادها بفرصة التقاط الأنفاس، بعد ساعات الصيام، حيث تستقطع لنفسها وللآخرين دقائق معدودات للاستراحة، قبل أن تعود إلى عادتها في تقديم المتعة والفرجة.
    كل حديث عن الأجواء التي تكون عليها ساحة جامع الفنا، في هذه اللحظة أو تلك من العام، يتطلب النزول ضيفا عليها. فمن عايش وتابع يوميات هذا الفضاء الساحر ليس كمن سمع عنه. هي الساحة التي بقدر ما تحافظ على شهرتها بين الناس، تأخذ لنفسها هامش تطوير نفسها والتأقلم مع الظروف والمستجدات. ومن عادة ليل الساحة أن يختلف عن نهارها، وزيارتها في شهر رمضان ليست بنفس شكل ومضمون زيارتها في باقي شهور السنة.

    في رمضان، ينطلق أصحاب المطاعم في إعداد وتهيئة طاولاتهم ومأكولاتهم، بعد صلاة العصر.أذان صلاة المغرب، لأول يوم من الشهر الكريم لهذا العام، انطلق في السابعة. وعند الساعة السادسة والنصف، وحدهم السياح كانوا يتجولون في الساحة، في وقت يحث فيه عمال المطاعم، السياح والصائمين على الجلوس إلى طاولاتهم المنصوبة في الهواء الطلق قائلين: «تفضلوا، عندنا حريرة وطاجين وطنجية ومشويات وبسطيلة».

    بعضُ السياح جلسوا بمقاهي ومطاعم ممر البرانس، منهم من طلبَ مشروباً أو مشويات أو طاجينا. هذا هو موعد وجبة العشاء بالنسبة للسياح. يمر بعض المغاربة مسرعين في اتجاه منازلهم، من دون أن يعيروا السياح «الغارقين» في الأكل والشرب أي اهتمام.

    يقتربُ موعد الأذان، فترتفع درجات الترقب والصمت بين رواد الساحة. يميل الصائمون نحو المطاعم، التي تقدم الحريرة والتمور والشباكية والبيض وعصير البرتقال. أغلب الجالسين مستخدمون في الشركات التي صارت تنتشر في مراكش، في السنوات الأخيرة.

    ينطلق أذان صلاة المغرب، فتتطلع الأعين إلى صومعة الكتبية الشامخة. في الطريق إلى المسجد المُحاذي لمقهى الحمراء، يسرع المصلون الخطى، وهم يرددون «ذهب الظمأ، وابتلتْ العُروق وثبُتَ الأجر إن شاء الله».

    في الساحة، التي تحولت إلى مطعم شعبي كبير، بدا بعض السياح مأخوذين بمشهد الإفطار وراحة البال والإحساس بالرضى، الذي تملك المغاربة الجالسين بمطاعم الساحـَـة، خصوصاً حين كانوا يتبادلون التمور والتين المجفف والخبز في ما بينهم، كما لو أنهم أبناء أسرة واحدة.

    «هذه أول مرة أجلسُ فيها في مطعم بجامع الفنا من دون أن أسمع موسيقى أو ضجيجاً. الجلوس، هنا، لتناول الإفطار منحني فرصة الابتعاد عن الوصلات الإعلانية والأعمال الفكاهية المتواضعة، التي يقدمها التلفزيون المغربي»، قال شاب لصديقه.

    يقترب شيخ مستنداً إلى عصاه من الجالسين متسولاً إفطاراً، فيطلب منه شاب في الثلاثين من العمر أن يجلس، قبل أن يطلب من صاحب المطعم أن يعطي الشيخ إفطاراً على حسابه. يبتسم رجل في الخمسين من العمر لتصرف الشاب. سيقول إنه كادر في إدارة مركزية بالرباط، وأنه جاء إلى مراكش في مهمة إدارية، وأنه فضل أن يتناول إفطاره في ساحة جامع الفنا حتى يستعيد روح المكان، قبل أن يخاطبَ سائحاً، كان جالساً بالقرب منه، قائلاً: «أنت تتعشى ونحن نفطر»، ليرد عليه السائح، بعد لحظة صمت: «المهم أننا هنا نستمتع بهذا الفضاء الساحر واللحظة الرائعة. أزور مراكش، وقد زرتُ مصر وتونس، في وقت سابق، وفي كل زيارة كنت أزداد اقتناعاً بأن هذا الدين، الذي استطاع أن يوحد المسلمين عبر العالم، فيجعلهم يمتثلون للصلاة والصوم والحج هو دين يستحق أن ننتبه إليه وأن نتمعن في تعاليمه. كان يمكن أن تكون أنت في مكاني أو أنا في مكانك، أو أن توحدنا ديانة واحدة، غير أنها مشيئة الرب».

    ورغم موجة الغلاء التي لم تترك جانباً من جوانب الحياة إلا خنقته، يبدو أن مطاعم جامع الفنا لا تزال رحيمة بجيوب روادها. فهنا يمكن للواحد أن يفطر بأقل من دولارين: حريرة وتمور وحليب وبيض وخبز. بعضهم يجلس إلى طاولة الأكل فيطلب حريرة وكأس شاي، قبل أن يخرج من حقيبته خبزاً وبيضاً وتمراً. في نهاية المطاف سيؤدي نصف دولار ثمناً لما طلبه.

    في حوالي السابعة والنصف، تنطلق الفرجة بشكل خجول. كان الحكواتي محمد باريز أول من رتب حلقته: «اليوم، سأحكي لكم قصة حاكم رأى في منامه أنه كان يتجول في أحد بساتينه، فاستبد به «لغز» شجرة بها 99 تفاحة يطير بينها ويأكل منها غرابٌ أسود»، خاطب باريز المتحلّقين حوله، الذين كان يزدادُ عددهم، شيئاً فشيئاً.







    جامع الفناء 01196852383




    جامع الفناء Places-marrakech-maroc-8457910419-763277





      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 4:34 am